غزة أونلاين-غزة
نيران الحرب ودمارها، وتأثير الحصار وخنقه للشعب الغزي، لا تعيق ساكني هذا القطاع من ممارسة حياتهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، رغم أن كل الظروف حولهم تسرق منهم الرغبة في استمرار حياتهم ومشوارهم نحو الإبداع والتميز.. ومن أمثلة هذه الحالة من مواصلة الحياة أن استطاعت فلسطينيات تفجير طاقة كامنة بداخلهن من خلال تصميم الأزياء ومجاراة الموضة بما يتلاءم مع التراث الفلسطيني الذي لا غنى عنه وما تطلبه الحداثة..
التسويق والمشاركة
الشابة نرمين دمياطي (29 عامًا) استعارت في طفولتها الإبرة والخيط والمقص من والدتها لتحيك لدميتها ملابس من أقمشة قديمة، وكانت تقضي أغلب ساعات يومها بين هذه الأقمشة لتنسج منها هوايتها.
كبرت وكبر حلمها معها، وفي الصف السابع كانت ترسم على آخر ورقة من دفاتر مدرستها تصميمات فساتين، وتتجمع حولها زميلاتها ليسألنها عن آخر تصميماتها، ولم يمت شغفها بالأزياء عندما التحقت في الجامعة رغم أن تخصصها كان التاريخ، فكانت دائمة البحث عن فرصة تحقق فيها مبتغاها، حتى التحقت بدبلوم لتصميم الأزياء، وكان ذلك بدايةً لشق طريق نحو تحقيق حلمها.
وقالت دمياطي لـ”فلسطين”: “كنتُ من القلائل اللواتي احترفن مهنة تصميم الأزياء في غزة المحاصرة، والتحقت بدورات، وتابعت دورات تدريبية عن طريق الانترنت، لأكوّن حسًا فنيًا ينال إعجاب من حولي، وألقى القبول في الأزياء التي أقوم بتصميمها”.
وأضافت أنها أسست مشغلًا خاصًا بها ليكون نقطة تنطلق منها مع مجتمعها المحلي، كما أقامت معارض على نفقتها الخاصة، مشيرة إلى أنها تخصصت في ملابس المحجبات لتقديم أزياء تتلاءم مع تعاليم الدين الإسلامي ومع المجتمع.
وأكثر ما تعاني منه دمياطي أنها تقضي ساعات طويلة على الإنترنت للبحث عن آخر مستجدات الموضة، لتسايرها في ألوانها وتصاميمها، وبسبب الحصار المفروض على قطاع غزة، فهي لا تستطيع السفر للالتحاق بدورات متقدمة، كما أنها تتمنى أن تشارك في معارض دولية.
وأوضحت: “الحصار والوضع الاقتصادي في غزة أثّرا على تسويقي للمنتجات، ولذا اعتمدت على موعد التواصل الاجتماعي (فيس بوك) في إيصال أفكاري وتصاميمي لأستطيع أن أتغلب بعض الشيء على هذه الظروف”.
وتلفت إلى أنها كانت تحلم بأن يساهم مشروعها في تقليل البطالة، وبعد النجاح على المستوى المحلي تتمنى أن تصبح أزياؤها “ماركة” عالمية معروفة.
رياح الحصار
عشرون عامًا من العمل والمثابرة قضتها سوزان أبو شملة (47 عامًا) من أجل الوقوف على قدميها، ولكن يأبى الحصار إلا أن يعصف بحالها ويؤثر عليها، فقالت لـ”فلسطين”: “الأوضاع الاقتصادية والحصار يؤثران على شتى المجالات، أهمها عدم القدرة على توفير جميع المواد الخام، والانقطاع المستمر للكهرباء يؤثر على ساعات العمل ويؤخر إنجاز المهام، بالإضافة إلى عدم التمكن من تسويق أعمالي خارج القطاع بسبب إغلاق المعابر”.
أبو شملة تعلمت التطريز من الحصص المدرسية للأشغال اليدوية، فغُرست الهواية عندها كما تغرز الإبرة في القماش، وحاليا تعمل على تصميم الأزياء الحديثة بما يتلاءم مع التراث الفلسطيني بإدخال التطريز إليها، لتضع بصمة فلسطينية في هذا المجال، بالإضافة إلى كسرها للجمود والرسمية في قطع التطريز بما يتماشى مع الأزياء النسوية الفلسطينية، ويكون لها أصل ونكهة تاريخية.
وأشارت إلى أن هناك طاقات نسائية قادرة على الإبداع والتصميم، ولكنه ينقصها الدعم المادي والمعنوي، بالإضافة إلى الانفتاح على العالم الخارجي للاطلاع على كل ما هو جديد، وكذلك القدرة على تسويق المنتجات.
وتحاول أبو شملة أن تخرج نفسها من دائرة الحصار وتأثيراته على أهالي قطاع غزة، وفي سبيل ذلك أسست مشغلًا خاصًا بها ومعرضا لتسويق منتجاتها.
المصدر : فلسطين أون لاين /تقرير هدى الدلو
Discussion about this post