غزة أونلاين – غزة كتبه : يحيى اليعقوبي
على شاطئ البحر ومع إشراقة شمس الصباح الباكر التي تشعّ دفئًا بخيوطها المنسدلة حيث النشاط والهمة تمتطي الفارسة الصغيرة ليان نبيل المقوسي (13 عامًا) جوادها، وعلى جانبها أمواج البحر التي تحاول الامتداد مرة بعد أخرى تمامًا كما تحاول هي القفز بخيلها من حاجز إلى آخر، لتشعر بمزيدٍ من الانطلاق والحرية، وكذلك هو الحال في “نادي الفروسية” حيث خيولها الأربعة الذين تعشقهم وكأنهم أسرتها.
ليان تلقب بـ”فارسة فلسطين الصغيرة”، وهي بالمناسبة صاحبة الصورة التي أثارت ضجة في المدة الأخيرة عقب انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي، عندما كانت ليان في سن خمس سنوات أحبت ركوب الخيل، فرسمت الخطوط الأولى لهوايتها تلك، تعلّق على ذلك بالقول “أمارس هوايتي في نادي الجواد للفروسية، وتدربت في أكثر من نادٍ على يد أفضل المدربين في غزة”.
الفارسة الصغيرة ليان المقوسي
ولدى ليان أربعة خيول أطلقت عليها أسماء: الأستاذ، وكوني، وبارون، وفالنسيا، وعن ذلك تتحدث: “علاقتي بهم خاصة جدًّا، أشعر أنهم من أفراد عائلتي، أهتم بكل شؤونهم: طعامهم، وصحتهم، ونظافتهم، وألعب معهم، مستمتعةً بالتدريب برفقة أخي أنس”.
“ركبت الخيل في سن خمس سنوات، لفتت جرأتي نظر المدرب فأخبر والدتي بأني يجب أن أتابع التدريب على صغر سني” تتحدث ليان عن لحظات ركوبها الأول للخيل، ثم تتابع: “انتبه المدرب أن لدي قدرة على السيطرة والتحكم، وفي أول درس في الفروسية شعرت بالفرح الشديد والفخر والقوة؛ فهذه الرياضة تعطيك شعورًا خارجًا عن نطاق الوصف، الخيل عندي بمنزلة الروح”.
كلامٌ كثير في جعبتها عن هذه الهواية، تواصل ابتسامتها الواثقة في أثناء حديثها: “معظم خيولي خاصة بقفز الحواجز، وهي من أنواع مختلفة؛ فمنها: الإنجليزي، والألماني، والهولندي، والبلجيكي، ففرسي (كوني) من هولندا، ولها خبرة كبيرة في القفز”.
أما الحصان (بارون) _ حسب قول ليان_ فهو بلجيكي، وله كثير من المميزات، وتفضله مع (كوني) في قفز الحواجز، متممة: “أحب الخيول وتربية الحيوانات عمومًا، وأحب قراءة الكتب باستمرار، إضافة إلى العزف على آلة الجيتار”.
قطرات العرق التي بلّلت وجنتيها ولم تجف خلال التدريبات هي المثابرة بعينها التي كان لها الفضل في تطويرها بالتدريب اليومي، والمشاركة في رحلات خاصة بالخيل، فضلًا عن متابعتها للفرسان الدوليين من حيث الأداء، تستطرد: “لا أنسى فضل والدي الذي دعمني بقوة في جميع المجالات حتى أستطيع تطوير نفسي وشراء الخيل الخاص، وأخي الذي يدربني ويدعمني ويشجعني”.
وشاركت الفارسة الصغيرة في عدة بطولات، وفازت بالمركز الأول في بطولة نظمها نادي الفارس الفلسطيني عام 2013م، وكان لها ذلك في دوري النادي الفلسطيني، وحصلت على المركز الثالث في بطولة للخيل عام 2012م.
“الخروج من نطاق التدريب إلى الانطلاق مع الطبيعة برفقة الفرسان والفارسات” هكذا تصف الفارسة الصغيرة لحظات قيادة الخيل على شاطئ البحر، وتزيد قائلة: “لدي العديد من الذكريات مع الخيل، من حوادث بعضها طريف وآخر مؤلم”.
ففي إحدى البطولات كانت تمتطي جوادها وامتنع الجواد عن تخطي الحاجز والقفز ثلاث مرات، وهذا يعد استبعادًا في قانون الفروسية، وتكمل الحديث عن هذه اللحظة الحرجة بالقول: “مع استبعادي أصررت على عدم الخروج، وأن أكمل القفز، وفعلًا بعد قرار الاستبعاد انطلق الجواد معي مسرعًا وقفز الحواجز دون أي خطأ”.
وتتمنى فارسة فلسطين الصغيرة تطوير نفسها في هذا المجال، واكتساب خبرة وإلمام كافيين؛ حتى تكون جاهزة لتمثيل فلسطين في بطولات خارجية؛ لأن مجال الفروسية _حسبما تصفه_ كبير وواسع، ولكنها تثق بنفسها أن تكون اسمًا يرفع علم فلسطين في العالم.
“كيف استقبلتِ الانتقادات لصورتك وأنت تداعبين الحصان على شاطئ البحر؟”، إجابة ممزوجة بالأمل والتحدي وهي تقول: “أنا مدركة أنني أعيش في مجتمع قد يختلف وقد يتفق معي، وأحترم جميع الآراء السلبية التي تشكل دعمًا لي، دون أن أقف عندها، وسأبقى فارسة فلسطين حالمة وكلي طموح لأمثل بلدي بالشكل اللائق”.
ولم تخف ليان سعادتها بتناقل الكثيرين لصورتها، متمنية أن تكون وجهًا يعكس الحياة والأمل في شعب غزة، قائلة: “نحن شعب يحب الحياة في كل الظروف؛ فنعيش ومفروض علينا حصار”.
ولا تنسى ليان ما علق في ذهنها خلال الحرب الأخيرة على غزة، وتواصل: “كانت خيولي في النادي الذي أتدرب فيه، ويبعد عن بيتي 10 كيلو متر، ولكن كنت يوميًّا أذهب هناك وفي أثناء القصف أعودها وأرعاها، وكثيرًا ما شعرت بالخوف وواجهت الخطر، ولكن كنت أضحي من أجلها”.
حبها الكبير وعلاقتها بالخيول لا يشغلانها عن دراستها؛ فهي _حسبما تقول_ متفوقة وتنظم وقتها بدقة بمساعدة أسرتها التي تحب هذه الرياضة، وخاصة والدها أحد البارزين في مجال الفروسية.
وتذهب إلى الإشارة إلى أنها حصلت على دروس تقوية في مجال الفروسية في لبنان ومصر ورام الله، وتختم حديثها عن ذلك بالقول: “كانوا ينظرون إلي بصفتي فارسة فلسطينية من غزة بكل حب وتشجيع ودعم”.
عن فلسطين أونلاين
Discussion about this post