الوطن أولاً …والمصالح لا محل لها من الإعراب
غزة أونلاين – محمد بابا
السياسية هي اللعبة التي تختلف قوانينها من مكان إلى أخر ومن ظرف غير ذلك الظرف الذي يرضخ أسفل أقدامها الثقيلة الفقراء والبؤساء والعاطشون للحرية التي غابت سنوات عن واقعهم المرير. إنها السياسة التي لا ترحم أحداً وتتغير متغيراتها بتغير المصالح الفئوية والحزبية فيها، فقطاع غزة يشهد الكثير من التناقضات السياسية وتتسع رقعة الاختلاف فيما بينها وفقاً للمصالح التي تحتم على طرفي الانقسام تفويت الفرصة في كل مرة للخلاص من الانقسام وعندما يحين ذلك تقدم علينا المساومات من هنا وهناك .
تبقى الدموع الحائرة رطبةً على خدود الفقراء ويملئ قلوبهم اليأس ويزداد العوز إلى الحضن الدافئ لكي يقيها فظاعة الحرمان والفقر. فقد بلغت سياسة العديد من التنظيمات التي حضي بها أبناؤها الحضيض وقد بدأ واضحاً أنها تستهدف كل أواصر الوحدة وتهتك جميع علائقها المتصلة بالوطن والمواطن.
من واقع تجربتي، شاهدت العديد من النظرات الحزبية الإقصائية التي سعى أصحابها إلى نسف كيان الآخر وإطلاق المسميات التعسفية علىه، في حين أن التعددية الحزبية تعد حالة صحية في المجتمعات التي تزخر باحترام حقوق الانسانية والديمقراطية والمساواة والعدالة..إلخ، فبعض الأحزاب في واقعنا الفلسطيني تفتح أبوابها على مصرعيها للسب والشتم والقدح ويصل الأمر أحياناً إلى إلصاق تهم الخيانة لبعضهم البعض.
واقع الإنسان الإجتماعي لايقبل العيش إلا بوجود الطرف الآخر في علاقة تكاملية تربط جميع فئاته على اختلاف ألوانهم السياسية و الايديولوجية لتكون مجتمعاً ذا أساس سليمة ينعم أصحابه بالرخاء والأمان.
أشعر بالاستياء الشديد من الذين يتبنون النظرات الحزبية الضيقة التي تقضي على ما تبقى من وحدة هذا الشعب الذي يعاني يومياً من بطش وجرم وحصار الاحتلال الاسرائيلي، كوننا شعب فلسطيني واحد يحمل هماً واحداً ويعاني جرحاً واحداً قد سببه فيروس الاحتلال. هذا الجرح لم يندمل بعد بفعل فيروس الاحتلال من جهة ومن الإنقسام والنظرة الحزبية المقيتة من جهة أخرى . فكل أدوية التعافي من الانقسام فقدت مفعولها أمام الحزبية المقيتة التي حاولت شطب الآخر وبل تتبنى نظرة دونية تحقيريه في محاولة منها للتفرد في كل مشاهد الوطنية المزيفة والمغالاة في حب الوطن.
هناك نماذج فلسطينية حظيت بمكانة سامية في قلوب أبناء الشعب الفلسطيني لما لها من دور فعال في تعزيز روح الوحدة الوطنية وتجديد دعوتها لحركتي فتح وحماس إلى لملمة البيت الفلسطيني وترتيب أولوياته وتغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الخاصة، وإلى نبذ كافة أشكال التفرقة والتميز على حساب الانتماء للتنظيم.
وهنا يتجدد المطالب بل هو لزاماً على كافة التنظيمات بأن تعيد النظر بشكل معمق في التربية التنظيمية والتعبئة الفكرية لديها من خلال بعث روح الوحدة الوطنية وتوحيد الهم الفلسطيني وترسيخ القناعات النبيلة بأن اختلاف الأفكار والتوجهات هو حالة فريدة تعزز مبدأ التكاملية والتشاركية وتوزيع الأدوار، فهذا كله يصب في مصلحة الوطن والمواطن ويعبد الطريق نحو تحرير فلسطين وعاصمتها القدس الشريف بإذن الله.
Discussion about this post