غزة أونلاين – غزة – إسلام الخالدي
هناك بعض الآثار الفلسطينية التي تعد كنوزا أثرية و شاهدا على إرتباطنا بجميع حضارات العالم القديمة، لكنها غيبت بفعل عوامل كثيرة و منها : الإهمال على جميع الأصعدة، سواء أكان التغييب في المناهج الدراسية أو وسائل الإعلام الفلسطينية، بما لهما من دور فعال في إبراز تلك المواقع بمسمياتها الأصلية و تاريخها الحقيقي، الذي يغفل الكثيرون عنه.
مدينة الكرنب، و جبل أبو غنيم، و الكنيسة الفلسطينية، و العديد من المقامات و المزارات القديمة، لا يعرفها إلا أشخاص متخصصون بمجال الآثار و علم التاريخ، كالدكتور ناصر اليافاوي، و الذي تحدث حول قضايا لم تطرح ولم يسلط الإعلام الضوء عليها بعد.
مدينة الكرنب
المدينة الأولى عبر التاريخ، توجد في صحراء النقب تحديدا بالجنوب الشرقي لفلسطين، و تعتبر عاصمة حضارة (الأنباط) التي شملت الأردن و فلسطين، جراء النكبة عام 1948م مر جميع سكان غزة و الضفة الغربية بهذه المنطقة.
حيث كانت المنطقة التجارية الأولى في فلسطين، و التي تميزت بتجارة البخور و العطور و التوابل المستوردة، فهي لا تزال قائمة بنفس الألوان التي رسمت في مرحلة ما قبل الميلاد، والذي ساعدها على البقاء العوامل الجوية الصحراوية، حتى مصارف المياه بقيت على ما هي.
جبل أبو غنيم
عندما جاء الجيش الإسلامي فاتحاً من “وادي الدومسية” شرقي المغازي، توجه من هذا الطريق عبر وادي الشريعة وصولاً لمدينة القدس، و عندما جاء عمر بن الخطاب رأى أحد الصحابة المسلمين المتمركز بالقدس و كان اسمه عياض ابن غنم، فإبتسم سيدنا عمر له و قال: “هذا جبلك يا إبن غنم”، كون الكلمات و الأحرف في المسميات الفلسطينية مصغرة تم تصغير كلمة أبو جبل إلى أبو غنيم، و هذا الاسم تاريخي يدل على إرث الحضارة الفلسطينية.
هذا الجبل له أهمية إستراتيجية حيث يطل على المداخل الأربعة لمدينة القدس، و تم تحويله لاحقا إلى بؤرة إستيطانية من قبل الإحتلال، و يعد من المواقع المغيبة إعلاميا و دراسيا .
مقام خضرة الطنطاوي
على مدخل قرية المصدر يوجد مقام و مزار، تتوافد إليه القبائل البدوية منذ القدم حتى بداية الغزو الثقافي لهذه المنطقة، ويعود لإحدى أولياء الله الصالحات اسمها (خضرة الطنطاوي)، نظراً لعدم وجود الوعي الثقافي بالبعد التاريخي لهذه المنطقة وك ونها أنثى تم إهمالها، حيث كانت النساء يترددن على ذلك المقام بإعتباره مكانا مباركا .
و هناك إرتباط بين مقام خضرة الطنطاوي و مقام البدوي الموجود في طنطا بمصر، و هو مولد لشيخ إسمه السيد البدوي، و الذي يعتبر مكانا مقدسا في مصر، مما أعطاه بعدا ثقافيا دينيا ، شاهد على الحضارة العباسية الثانية، و ما زال المقام مهملا حتى عند علماء الآثار.
الهرابات
يشهد قطاع غزة على خانات تستخدم كمخازن، لكن هناك ما يسمى بـ “الهرابات” في مكان القرية البدوية الآن، و الهرابات عبارة عن مجموعة من الصوامع كانت تخزن بها حبوب القمح، إبان العصر الروماني و البيزنطي في فلسطين، و بالتحديد شرقي المغازي حتى حدود القرارة لغاية قرية أبو العجين، فهناك الكثير من الهرابات التي تدل على الحضارة الفلسطينية القديمة، و إستمرت في و ظيفتها كـ”مخازن” حتى عصر العثمانيين.
لكنها اندثرت بسبب ما ألحقه الاحتلال من تجريف للأراضي الفلسطينية المحاذية للحدود الشرقية، وجعل منها ذكرى غير واضحة، حتى إن البعض لم يشهدها.
الكنيسة الفلسطينية المسيحية
ما يعرف عن هذه الكنيسة بأن مسماها المتعارف عليه اسم الكنيسة البيزنطية، لكن هذا خطأ تاريخي مرت عليه عصور قديمة، حيث إن هذه الكنيسة بأرض تابعة لعشيرة النصيرات و عشيرة أخرى تدعى عائلة (شلط)، وتعد أقدم كنيسة بالعالم، و أما البيزنطية المتعارف عليها فتوجد بتركيا.
لكن الكنيسة الفلسطينية (هيلاريوس) والتي تربط ساحل أرض الزوايدة و دير البلح، أنشئ بها أول فندق في العالم، كان نزلاؤها سياح مسيحيين قادمين من مصر والغرب، في سبيل تقديم الخدمات لهؤلاء الحجيج و رواد العلم، لتكون مركزا علميا يعلم القساوسة و رجال الدين القادمين من أوروبا ومصر.
و لا بد من الإشارة إلى أن القس هيلاريوس مات ودفن في هذه المنطقة، بقبر على شكل عمران يأخذ منظر الصليب.
حيث قام سكان هذه المنطقة بإنشاء أول مزرعة أحواض لتربية الأسماك، لتكون غزة أول من ابتكرت تربية الأسماك بأحواض، من هنا لا بد من الإشارة إلى هذا الجانب.
مقام الخضر
الخطأ التاريخي الذي حدث في قصة شمشون الجبار من حيث المكان والمقام، حدث في غزة على مقام الخضر في دير البلح، حيث إنه لم يثبت بأن الخضر زار فلسطين إطلاقاً، فالمكان الجغرافي هو مجمع البحرين كما جاء في القرآن الكريم، والذي يقع ما بين مجرى البحر الأحمر عند ملتقى “خليجي السويس والعقبة”.
وهذا الخطأ التاريخي جاء عندما كان القس هيلاريوس موحداً بالله قبل الإسلام غير وثني، قام بنشر دين التوحيد فجسد له مقام في دير البلح يدعي مقام هيلاريوس، لكن نتيجة الجهل والمشاكل التي مرت بها المنطقة، أطلقوا عليه مقام الخضر، وظل متعارف عليه حتى اللحظة.
المصدر : دنيا الوطن
Discussion about this post