غزة أونلاين – خانيونس
بقام : هاني الشاعر
تجلس المُسنة عزيزة النجار على كرسي بلاستيكي في زقاق ترابي لا يزيد عرضه عن مترين، مقابل كرفانمن الصفيح يؤويها و زوجها، وأسرة نجلها الشهيد المكونة من الزوجة و طفليها، تتنفس الهواء الطلق،هربًا من حرارة الكرافان.
و كانت مئات العائلات التي فقدت منازلها خلال حرب 2014 أوت نفسها في غرف صفيحية لحين إعادة إعمار منازلها.
فقبيل ساعة من أذان المغرب بدت النجار غير قادرة على تحمل الأجواء الحارة داخل منزلهم المعدني، لكنزوجة نجلها قست على نفسها، وافترشت الأرض وسط “الكرافان” وانشغلت بمفردها بتحضير طعامالإفطار للعائلة.
ورقب المُسنة حفيدها وهو يزحف أمام “الكرفان” هربًا هو الآخر من حرارته، غير قادر على المشي جراءإصابته خلال الحرب، فهو يُذكرها بوالده الذي استشهد.
عامين كاملين مرت ولم يُعاد بناء منزلهم، ورمضانُ آخر قد أطل عليهم ولا جديد لديهم سوى مزيدٍ منقسوة الحياة.
وتصف النجار ظروف الحياة داخل تلك المنازل المعدنية بأنها “أفران نارية“، خصوصًا في شهر رمضان،“فلا مجال للجلوس داخلها“.
ومع حلول المغيب، جهزت العائلة إفطارها أمام الكرفان، “هنا يُمكن أن نصادف نسائم هوائية” أما فيالداخل فقطعًا لا“. تقول المسنة.
الحياة هنا وسط هذه الكرفانات يلفها الكثير من البساطة والبدائية؛ فقطع قماشية استخدمت كأبوابلهذه الكرفانات، وهناك أمهات يجلسن أمام منازلهن المعدنية بجوار أطفالهن يرقبون كل غريب، وأخرياتيتبادلن لوازم الإفطار، في مشهد قد يُنسيهن بعضًا من معاناتهن من حياة التشرد.
باسم النجار الذي وصل للتو، يحمل أكياسًا بلاستيكية صغيرة، بداخلها بعض الحاجيات لأطفاله، اصطحبنالداخل “الكرافان“، وقال لمراسل “صفا“: “لحظات الإفطار والسحور تزيد علينا الآلام وتذكرنا بتجمعاتناالعائلية في منازلنا التي أصبحت مجرد غبارٍ رمادي“.
ويتابع النجار: “نحن نسمي هذه المنازل فقاسات للبيض، فهي لا تصلح شتاءً ولا صيفًا، هنا فقدنا كلشيء، فحتى الحيوانات تعيش في ظروف أفضل من هذه، خصوصًا وأننا تلقينا وعودًا في رمضانالماضي بإعادة البناء ولم يحصل أي جديد“.
ويؤكد النجار الذي كان يقطن في “فيلا” في أيام ما قبل تلك الحرب أن عائلته والجيران يموتون ألف مرةجراء تلك الظروف الحياتية القاسية.
وبالقرب من النجار، يستلقي قريبه صبري على فراشٍ رقيق ومن حوله بقايا طعام حفظت في أوانٍبلاستيكية بجوار كرفانه الذي احترق بسبب ماسِ كهربائي قبل أسابيع.
ويقول صبري: “أرسلت أطفالي إلى منزل جدتهم، فهم لن يتمكنوا من مقاومة حرارة الكرفان، أما أنافسأبقى مع زوجتي نعد أشهر رمضان القادمة، فليس هناك شيء سيتغير قريبًا على ما يبدو“.
Discussion about this post