“تنكّد” القناديل البحريّة التي تغزو شاطئ بحر قطاع غزّة، على متعة الوافدين إلى السباحة وروّاد البحر بالفترة الجارية، حيث تتكاثر القناديل “البيضاوية الشكل” بأحجامها مختلفة، بعد أن يلفظها الموج نحو الشاطئ الرملي التي غطّت مساحات واسعة منه. وتتسبّب تلك القناديل، التي تأتي مع التيارات البحرية، وارتفاع درجات الحرارة، والتغير المناخي إضافة إلى التلوث الحاصر بإصابة السبّاحين بالتهاب الجلد وتورمه الذي قد يصل إلى حروق.
يأتي ذلك تزامنًا مع تحذيرات أطلقتها جودة البيئة من تلوث مياه البحر بنسبة 90% نتيجة ضخ مياه الصرف الصحي مباشرة إلى البحر دون معالجة منذ تفاقم أزمة الكهرباء بشكل حاد أواخر نيسان/ إبريل، بسبب تقليص عدد ساعات وصل الكهرباء، إضافة إلى حلول العطلة الصيفيّة، وانحصار خيارات التنزه إلا من البحر، والمسابح التي روّج أنها مياهها ملوثة أيضًا.
“ظننا أن الشمس ستحرقنا ولم نفكر بأن القناديل قد تفعلها!” تقول نجوى أبو زيد. وتضيف “أطفالي الثلاثة لسعتهم القناديل الممتدة على شاطئ البحر، ما أرغمني على الذهاب إلى الطبيب صباح اليوم التالي، ليقول لي أنهم بحاجة إلى إبر ضد التسمم وبعض المراهم كي يتعافوا”.
بدأت القصّة يوم قرّرت نجوى أن تستجم برفقة عائلتها على شاطئ بحر غزّة، فحزمت أمتعتها وعجلات السباحة الخاصّة بالأطفال، وأشهى المأكولات التي يحبّون، وانطلقوا جميعًا للترفيه عن أنفسهم بعيدًا عن “التعفن” من انقطاع الكهرباء.
تصف “بدا اليوم رائع حقًا، خصوصًا في ساعات الصباح الباكر، فالجو لطيف والأطفال يستمتعون، ويمرحون في الماء إلى أن خانتهم القناديل بقرصات امتدت إلى التهابات ثم إلى حروق من الدرجة الثانية لم تنفعها العقاقير التي اعتدنا عليها منذ صغرنا ولا الطب البديل، ما استدعى زيارة مسرعة إلى الطبيب الذي أكد أنها حروق”، لافتة إلى أن تلوث مياه البحر ساهم في تفاقم حالة أطفالها الصحية، ما لا تريد تكراره طيلة فترة الصيف الحالية .
وتشير إلى أن العلاج كلفها أضعاف عيديتها التي خصصتها لرحلة البحر هذه، كما تتساءل “هو في مكان ثاني غير البحر نروح عليه أصلا؟”.
في الواقع؛ يعدّ شاطئ مدينة غزة الأكثر تلوثًا بسبب وجود ثلاث مضخات لمياه الصرف الصحي التي تضخ يوميًا 65 ألف متر مكعب إلى البحر، بينما تضخ خانيونس نحو 15 ألف متر مكعب ورفح 12 ألف متر مكعب، وفق معلومات سلطة جودة البيئة، كما أن المدن الأخرى تتمتع بآلية معالجة طبيعية قبل صرف المياه إلى البحر فهي تدخل أحواضًا تؤدي إلى ترسيب المادة العضوية بالتالي تُعالج بنسبة 50% خلافًا لغزة التي تصب في البحر مباشرة.
لا يختلف الأمر عن حالة الشاب محمّد بهار 22 عامًا، إذ التفّت القناديل على جسده بصورة دائرية، تاركة أثرًا لا يعالج بشكل هين خصوصًا مع تفاعل المياه الملوثة حسب قوله.
يضيف ساخرًا “فعليًا بات الأمر لا يطاق، فلا أمان علينا لا في البر ولا في البحر، وحرفيًا نستطيع القول إن هذا البحر ليس لنا، بل للقناديل، وبجملة هاللي رايح بهالبلد”. وبرغم ذلك يوضح أنه لن ينفك عن التردد إلى البحر ومحاولة السباحة كونها الخيار الأوحد في ظل الوضع الراهن مشيرًا أنه لا يؤمن في ممارسة السباحة بالمسابح العامّة.
يشير صيادون في بحر غزّة وسابحون، إلى أن حركة القناديل تتكاثر في شهري تمّوز/يونيو وآب/أغسطس بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
فيما يعلّق هيثم الأحمد 28 عامًا أنه لا ينوي السباحة طيلة فترة “استحواذ” القناديل على شاطئ البحر موضحًا “جميعنا يرى في البحر منتزهنا الوحيد في ظل الحصار المطبق على صدورنا منذ العام 2007 إلا أنه خطر يتربّص بنا، وعلينا الاحتياط منه، خصوصًا وأن تكلفتنا المادية لقضاء يوم كامل على البحر مكلفة في الحقيقة، وأنا لست مستعد للذهاب إلى التداوي بعدها بحال قررت السباحة ودفع الطاق طاقين”.
وينصح أطباء عدم لمس الجلد المصاب باليد حتى لا تصاب اليد بالسم، وعدم حك المكان المصاب بالرغم من الحروق والتقرّح حتى لا تتمدد الحروق، بالإضافة إلى الخروج من الماء فور التعرض للسعة القنديل وإعلام مرافقيه أو رواد البحر على الشاطئ، كما غسل المكان المصاب بماء البحر من دون حكاك.
المصدر/نوى
Discussion about this post