غزة اونلاين- ألاء النمر
على المرأة هنا أن تكافح، ونعم نساء غزة، جد مكافحات حين يقاومن صلف الحياة هنا ويكفي سهرهم واستيقاظهم في منتصف الليل لغسل الملابس أو خبز العجين أو الكوي أو حتى التنظيف أو جلي الصحون حتى لا تفوتهم ساعات الكهرباء، فهذا الجدول متقلب المزاج ومتطفل جدًا.
“أم أحمد الحلو” لم تفقد الأمل بمزيد من ساعات الانتظار التي تجاوزت حد الأربع وعشرين ساعة، مترقبة أن تضيء إنارة منزلها بعد منتصف الليل لتعيد حسابات أعمال منزلها من جديد، دون جدوى لطبيعة الوقت الكارثي الذي انقلب فيه ليل الأمهات إلى نهار.
“أم أحمد” عليها أن تكمل دوران وجبة الغسيل المعلقة في الغسالة منذ بداية الأسبوع، وعليها أن تشحن بطاريات المنزل من “كشافات، ليدات، هواتف، مراوح، وهواتف أولادها، وكل ما له علاقة بالكهرباء” كما وعليها أن تكمل إنضاج عجينها ليصبح خبزاً حتى صباح اليوم التالي.
أم احمد كغيرها من نساء القطاع، لا يتوقفن عن الانتظار، وينقلب نهارهن إلى ليل وليلهن إلى نهار مزعج ومقيت، تبدلت الاوقات وتغيرت المهام وتكدست في وقت قصير قياسي لأبعد حد ممكن، لا يشبه أي وقت قياسي في العالم كله.
المحاصرين للقطاع أرادوا أن تصل غزة إلى العصر الحجري كي تكف عن صبرها وعن ثباتها وعن الكم الهائل من ثباتها أمام الصعاب وأمام الكوارث الممارسة ضدها، والتي كان آخرها قطع الكهرباء بشكل كامل عن قطاع غزة، دون جدوى بالمرضى والمحتاجين لها كضرورة قصوى.
الناشط الشبابي رضوان الاخرس يقول “يستطيع الإنسان العيش إذا نسي جدول الضرب لكنه إذا ما غفل هنا عن جدول الكهرباء يكون فعليًّا غفل عن حياته، هنا حيث الاسم الكبير غزة والمعاناة الأكبر التي يسمع الناس عنها كثيرًا ولا يستشعرونها إلا قليلًا”.
ويتابع “قد تبدو هذه الجملة عابرةً للبعض وسطحية لا معنى لها، سردية لا تستحق الوقوف عندها مع أنها تقف على صدورنا وأنفاسنا وتعمل معها حياتنا وتتعلق بها، فالكهرباء ليست ضوء المصابيح فقط، إنها غسالة المنزل ومصعد العمارة وآلة المصنع وماكينة الخياطة وحاسوب الطالب وبطارية الهاتف وماكينة الحلاقة ومطحنة القمح وثلاجة الأطعمة”.
في النهاية قد يجد المرء صعوبة في الربط بين الكهرباء والحرب، فالأولي حق أساسي وشريان ينبض بالحياة، أما الثانية فهي دمار لكل معاني الحياة والإنسانية، إلا أن الصعوبة تتلاشى حينما ننظر إلى ما نعيشه من تقلبات وتغيرات قد تضع إرهابي في مكانة يتصدر فيها الحديث عن محاربة الإرهاب، ومجرم يتحدث عن الإنسانية، وخائن يتحدث عن الوطنية والشرف.
وفي المقابل قد تجد المقاوم يُتهم بالإرهاب هُوَ ومن يقف إلى جانبه، ومن الملاحظ بأن حكومة نتنياهو تتعامل مع أزمة الكهرباء في غزة بمنتهي الحذر، وتتبنى سياسية المناورة والمراوغة معا، إذ أنها تسعى للحفاظ على المزايا المترتبة عليها، واستغلال الفرص وتجنب السلبيات.
سلطة الطاقة أكدت أن تقليص سلطات الاحتلال لخطوط الكهرباء الإسرائيلية وصل فعليا إلى 55 ميجاواط، مشيرة إلى أن التقليص يزيد من الأعباء والمعاناة في قطاع في ظل الأجواء الصيفية الحارة الحالية.
وذكرت أن إنتاجية محطة التوليد مع استخدام الوقود المصري تصل حالياً إلى 70 ميجاواط، مشيرةً إلى أن المتوفر من جميع المصادر لا يتعدى 140 ميجاواط، وهي لا تغطي الحد الأدنى من احتياجات القطاع التي تتجاوز 500 ميجاواط في هذه الظروف.
وناشدت الطاقة كافة الجهات المسؤولة والجهات الدولية بضرورة التحرك العاجل لوقف هذه الإجراءات التعسفية التي تعمّق من أزمة الكهرباء في غزة.
Discussion about this post