غزة أونلاين – غزة – آلاء النمر
كشف عن ساقيه الحديدتين و إستعد للهرولة خلف باقة البلالين المفعمة بالألوان الزاهية، بدأ يستجمع أنفاسه من شتات صدره الصغير ليتعالى على خوفه أخيراً، لا مجال للخوف و لا إتساع لمساحات السقوط أرضا بعد اليوم.
تهزمك ابتسامة الطفل محمد أبو عريبان صاحب الأربعة أعوام، فرغم صغر سنه وفقده لأطرافه إلا أنه لم يبالي بمن حوله من مدربين و أطباء و مختصين و مؤهلين لأمثاله من فاقدي الأطراف، ليقدم على الجري بكل طلاقة ليمنح روحه الصغيرة حرية بحجمها.
والدة الطفل محمد إنغمرت بحالة مأساوية شديدة و ضيق أمل قبل إقبال طفلها على المرحلة النهائية من تركيب طرفيه، و ذلك بعد تقرير الأطباء في الداخل المحتل ببتر كلتا ساقيه لإصابته بحمى شوكية وصلت إلى ساقيه.
وصفت والدة الطفل حالة ولدها النفسية بعد تركيبه لطرفيه بأنه أصبح إنسانا عاديا بل و صاحب إبتسامة متفائلة كغيره من الأطفال بعد عيشه لفترة من الإحباط و الضمور النفسي، لتنتقل العائلة بأكملها إلى حالة من التفاؤل بعد تأهيل نفسيتها كما طفلها على أيدي مختصين.
و يمارس محمد أبو عريبان التدريب على المشي بأطرافه الصناعية الجديدة بإشراف المختصين النفسيين بمركز الأطراف الصناعية المقام وسط قطاع غزة التابع لبلدية غزة، و الذي يدعم عمله الهيئة الدولية للصليب الأحمر بشكل مباشر.
3200 حالة
الكثير من المرضى والمصابين فقدوا كميات لا بأس بها من مخزون الأمل لديهم، وذلك لفقدهم أطرافهم إثر بترها بعد نجاتهم من حوادث الحياة المختلفة بشتى أشكالها وظروفها الصعبة في قطاع غزة.
و تزداد حالات البتر في الأطراف في حالات الحروب التي تعرض لها قطاع غزة على مدار ثلاث منها قاسية، مما دفع الهيئة الدولية للصليب الأحمر لدعم عمل مركز الأطراف الصناعية لتحسين الوضع العام للمصابين والجرحى ومرضى السكري.
و تحدث مسؤول التأهيل الجسدي أحمد أبو موسى حول آلية عمل الهيئة الدولية للصليب الأحمر داخل مركز الأطراف و الذي يعتمد على تصنيع الأطراف داخل معامل و مختبرات المركز بعد إستيراد المواد اللازمة عبر معبر بيت حانون بعد تنسيق دخولها مع “الاحتلال.
و قال أبو موسى أن المركز يقدم خدمات علاجه المجانية و أحيانا بأسعار رمزية لجميع المرضى و المصابين دون تمييز، منوها إلى وصول عدد الحالات التي يعالجها المركز سنويا إلى 3200 حالة نظرا للإستجابة العاجلة في العلاج دون الوقوف ضمن قوائم الإنتظار.
و يستقبل مركز الأطراف التحويلات الطبية الرسمية المعدة من مشافي القطاع الخاصة و المشافي الحكومية التابعة لوزارة الصحة بشكل فوري، حيث بدأ تفعيل عمل المركز و تركيب الأطراف خلال الأربع سنوات الأخيرة بعد ترميم المركز و تطوير عمله على مستوى كافة أنحاء القطاع مع تغطية تكلفة المواصلات للمريض العاجز عن توفير موصلات يومه من وإلى المركز.
و أسهب أبو موسى حول تفاصيل عمل المركز الوحيد في قطاع غزة المختص بتركيب الاطراف الصناعية بأن الهيئة الدولية للصليب الأحمر ابتعث أكثر من أربع دفعات نحو دولة الهند للتطوير من مهارات التركيب والعلاج العلمي الغير متوفر في قطاع غزة.
كما و أوضح أبو موسى أن كل مريض يخوض مراحل علاجه ويدخل حيز الحصول على طرف أو حتى كرسي متحرك يكون على مقاسه الخاص وفق معاييره الشخصية و نشاطه ومقاومته للتعالي على مرضه و بتر أطرافه، مشيرا إلى أن المركز ذاته يقوم على العمل الخيري وليس على أسس ربحية على الإطلاق.
إغلاق المعابر وفرض الحصار على قطاع غزة لأكثر من عشرة أعوام ضاعف من حجم المعاناة لدى جرحى الحروب الثلاثة التي شنها الاحتلال على قطاع غزة بين فترات متفاوتة، ليبادر مركز الأطراف الصناعية لتقديم الخدمات المجانية و الخيرية للجرحى دون مقابل لتحسين أوضاع الجرحى و المرضى.
و يستعد المركز لتغطية مزيد من الحالات إن اضطرت الأوضاع داخل القطاع، مما دفع مسؤول التأهيل الجسدي في مركز الأطراف أبو موسى بقوله أن المركز ليس بحاجة إلى فروع أخرى لتركيز الطاقات البشرية بداخله على جميع المرضى و عدم تشتيت قدراته و إمكاناته.
تأهيل نفسي
ويخصص المركز طاقم متكامل للعلاج النفسي وتأهيل المريض للخوض مرحلة جديدة من مراحل عمره من خلال الانتقال من حالة مرضية إلى مرحلة الانتصار للنفس والذات والانخراط في سوق العمل والحياة العادية الطبيعية.
و قالت المختصة النفسية أزهار خضر أنها تعمل على تأهيل المريض نفسي على الوقوف على أطرافه من تجديد وإعداد التمارين النفسية له لإخراجه من أوهام ذاته المنهزمة نوعا ما.
و قالت المختصة خضر أن المريض يتجاوز في مراحله النهائية نحو70% من حالة مرضه نحو التشافي، مشيرة إلى أن تلك النسية متقدمة جدا و مجدية إلى حد كبير مع المريض لإنهاء مراحل علاجه.
و تعالج خضر كما زملائه في المركز الحالة النفسية المحبطة التي تقع فيها العائلات نحو مريضهم، و ذلك لتهيئة الأجواء الجيدة و البيئة المناسبة للخروج بالمريض نحو تعافي أضمن و أكثر نجاحا.
و يمارس المركز أحدث النظم الإدارية في أرشفة ومعالجة المرضى لتغطية أكبر قدر ممكن من أصحاب الحاجات المرضية ضمن معايير تناسب المواطن العادي دون الحاجة إلى تحويلات طبية إلى الخارج.
المصدر : وكالة الرأي
Discussion about this post