بقلم/عبد الله كرسوع
لا تزال أزمة الكهرباء في قطاع غزة تأثراً سلباً على كافة منتحي الحياة في قطاع غزة، فمن تحويل البيوت في فصل الصيف إلى أفران بدرجة حرارة عالية إلى فساد الأطعمة ليصل الأمر إلى حرمان أهالي القطاع من متنفسهم الوحيد في ظل الحصار المطبق عليهم ما يزيد عن 10 أعوام.
متنفس غزة الوحيد في قطاع غزة هو البحر، إلا أن استمرار أزمة الكهرباء المفتعلة من سلطة رام الله وبإشراف من رئيس السلطة محمود عباس ورئيس وزراءه رامي الحمد الله؛ حرمتهم من هذا المتنفس نتيجة وصول نسبة التلوث بمياه الصرف الصحي لـ73% لعدم توفر الكهرباء لتكرار ومعالجة هذه المياه وتصريفها كما هي لمياه البحر.
مدير سلطة جودة البيئة بهاء الأغا قال إن النتائج الجديدة التي أجرتها سلطته حول نسبة تلوث مياه البحر بمياه الصرف الصحي، أظهرت النتائج تلوث 73% من مياه شاطئ قطاع غزة بالمياه العادمة.
وبين الأغا “للرأي” أن نتائج الفحوصات السابقة التي أجرتها سلطته قبل شهرين أظهرت تلوث 50% من شاطئ بالبحر بالمياه العادمة.
وشدد أن نتائج الفحوصات الجديدة يصبح معظم شاطئ بحر قطاع غزة ملوثا، الأمر الذي يضيق على المصطافين باعتبار البحر المتنفس الوحيد لسكان القطاع، في ظل انقطاع التيار الكهربائي الذي يعاني منه سكان القطاع”.
أربعة مناطق
وعن المناطق الصالحة للسباحة، بين الأغا أن النتائج الجديدة أظهرت وجود أربع مناطق صالحة للسباحة، وهي المنطقة الممتدة ما بين محافظتي خان يونس ورفح، ومنطقة نهاية نفوذ بلدية القرارة مع بداية نفوذ بلدية دير البلح، وكذلك آخر نفوذ بلدية النصيرات مع نفوذ بلدية منطقة الزوايدة وسط القطاع، والمنطقة الرابعة آخر كيلو أو اثنين من شمال بيت لاهيا شمال قطاع غزة.
وأوضحت سلطة البيئة أن نفوذ بلدية الزهراء، ومدينة غزة، وبلدية جباليا، وأجزاء من منطقة بيت لاهيا فهي مناطق غير صالحة للسباحة، مرشدا المواطنين لعدم السباحة فيها.
وبشأن خطورة السباحة في المياه الملوثة بالصرف الصحي، أوضح أنها تسبب التهابات وحساسية بالجلد والعيون والأذن الوسطى، وأن شربها يؤدي إلى الإصابة بالإسهال أو التهاب الجهاز الهضمي.
إلا أنه ذكر أن السباحة في المياه الملوثة غير قاتلة ولا تؤدي إلى الإصابة بمرض “الكوليرا” كما روج البعض، مشيرا إلى أن التلوث يتركز في بداية شاطئ البحر ثم يبدأ تدريجيا بالاختفاء وصولا إلى عمق 200 متر داخل البحر.
ولفت إلى أن الحلول لهذه الأزمة هو توفير الكهرباء، مشيرا إلى أن “جودة البيئة” طالبت الجهات المختصة بمد أنابيب الصرف الصحي داخل البحر إلى عمق 150 – 200 متر لتخفيف التلوث، إلا أن هذا الأمر يحتاج إلى جهات ممولة.
آثار عميقة
من جانبه؛ حذر مركز الميزان لحقوق الإنسان من أنّ تلوّث مياه بحر قطاع غزة بمياه الصرف الصحي يؤثر على جملة حقوق الإنسان بالنسبة لسكان القطاع، وأن آثاره العميقة تطال صحة البيئة والصحة العامة، وتدمر البيئة البحرية بالكامل.
وأوضح المركز في بيان وصل ” الرأي” نسخة عنه أن كميات مياه الصرف الصحي التي يتم ضخّها في بحر قطاع غزة تقدر بأكثر من (110.000) متر مكعب يوميًا، حيث تضخّ مياه الصرف الصحي من محطات المعالجة إلى مياه البحر بشكل مباشر من (23) مصرفًا تمتد على طول شاطئ القطاع، دون معالجة مسبقة.
ولفت إلى أن الأوضاع الإنسانية في القطاع تتفاقم مع تواصل أزمة التيار الكهربائي الناجمة عن الحصار الخانق والمستمر الذي تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع منذ العام ٢٠٠٧، وساهم في تفاقمه حالة الانقسام السياسي الفلسطيني.
وقال إن ساعات قطع التيار وصلت لأكثر من 20 ساعة بشكل متواصل يوميًا في كافة مناطق القطاع، ما تسبب في حدوث شلل شبه تام في معظم الخدمات الأساسية الحيوية المهمة لسكان القطاع، ولاسيما الصحية والبيئية منها، منبهًا إلى أن تلوّث مياه البحر بشكل غير مسبوق يهدد بوقوع كارثة بيئية محدقة.
ورأى مركز الميزان أن تلاحق التطورات ولاسيما ما تعلق بخدمات التيار الكهربائي سرَّعت من تدهور الأوضاع الإنسانية لدرجة أصبح معها قطاع غزة مكانًا غير صالح للحياة اليوم وليس في عام ٢٠٢٠.
وأضاف أنه أمام هذه المعطيات تصبح حياة البشر في خطر داهم بالنظر لكون البحر هو المتنفس الوحيد المتاح لسكان القطاع.
وطالب المركز المجتمع الدولي بتحرك عاجل لوقف تدهور الأوضاع الإنسانية وضمان إمداد قطاع غزة وبشكل فوري بكميات مضاعفة من التيار الكهربائي، واتخاذ خطوات عاجلة لضمان تشغيل وتطوير أداء كافة محطات معالجة مياه الصرف الصحي.
وأكد ضرورة اتخاذ التدابير الكفيلة بحل مشكلة ملوحة وتلوث المياه الجوفية قبل أن تصل حدودًا يموت معها الناس جوعًا.
وقال إن استمرار تجاهل المجتمع الدولي لتدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، لا يعتبر تحللًا من التزاماته القانونية والأخلاقية، بل يتجاوزه ويشكل تقويضًا لمبدأ التعاون الدولي فيما يتعلق بقضايا البيئة، التي تتجاوز آثارها الكارثية البيئة البحرية لقطاع غزة لتطال دول الجوار.
وجدد مطالبه المتكررة للمجتمع الدولي، ولوكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المتخصصة بسرعة التدخل لمنع وقوع كارثة إنسانية محدقة، ولحماية الحياة في هذه المنطقة من العالم عبر خلق آلية تعاون لوضع حلول جذرية لمشكلات التلوث وندرة وتلوث المياه وعجز امدادات الطاقة.
ودعا الأطراف الفلسطينية للمصالحة وإنهاء الانقسام، وذلك انطلاقًا من إيمان المركز الراسخ بأن الانقسام الفلسطيني الداخلي أسهم – ولم يزل – في تدهور أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة كافة، كما يسهم على نحو خاص بتدهور الأوضاع الإنسانية في غزة.
المصدر: الرأي
Discussion about this post