غزة أونلاين – غزة –
سنحت شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت لهشام شيخه فرصة العثور على زوجة وفق ما حدده سلفا من مواصفات ليتمكن من تأسيس عائلة بعيدا عن الطرق التقليدية للزواج في قطاع غزة.
و شجعت التجربة الشخصية لشيخه (34 عاما) على إطلاق موقع للتعارف عبر الانترنت تحت اسم “وصال للخطوبة والزواج” والذي حظى سريعا بآلاف المتفاعلين من الجنسين، ونجح في التوسط بعشرات عقود الزواج خلال مدة قصيرة.
و يقول شيخه ، إنه بدأ نشاطه قبل عام ونصف عبر صفحات على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ثم حفزه ما وجده من تفاعل واهتمام كبيرين في إطلاق موقع إلكتروني منذ ثلاثة أشهر.
و في قطاع غزة المحافظ و المحاصر إسرائيليا منذ عشرة أعوام، فإن فكرة موقع على الإنترنت للتوسط من أجل التعارف للزواج تعد أمراً غير تقليدي، لكن شيخه يقول إنه تطور طبيعي لأهمية مواكبة تطورات العصر وإنعكاسها على تطور وسائل الإتصال.
و يشير إلى أن موقع “وصال” الذي يديره مع أربعة مشرفين آخرين من بينهم سيدتان، يوفر نافذة لتسهيل الزواج بعيدا عن الطرق التقليدية التي غالبا لا تتيح فرص التعرف في دائرة واسعة للشريك المحتمل.
و يأتي نشاط الموقع في ظل قيود يقول ناشطون على شبكات الإنترنت إنها متراكمة في مجتمع قطاع غزة، بما يحد من سهولة تعارف الجنسين على شبكات الانترنت خشية من الابتزاز العاطفي و نظرا لضعف ثقافة الإنفتاح على الآخر.
و عن ذلك يقول شيخه، إن موقع “وصال” لا يتيح تعارفا مباشرا بين الراغبين في الزواج “بل إنه يدخل إلى الإجراءات الرسمية فورا من خلال تقديم طلبات من الجنسين تتضمن بيانات كاملة، و من يبدي إهتماما جديا بتلك الطلبات يتوجه مباشرة لعائلة المراد الزواج بها”.
و يضيف إن “الموقع لا يسمح للمتصفحين التحدث بشكل شخصي فيما بينهم، فيجب أن يتم اللقاء بين الأشخاص وجها لوجه، بمعني أننا نتوسط في التعرف بمواصفات كل طرف للطرف الآخر”.
و بذلك فإن الموقع يحرص على أن يكون نشاطه “شرعيا” من خلال عدم نشر صور لمستخدميه أو السماح بالتحدث معا بشكل شخصي، لكنه يطلب عند تسجيل الدخول نقل معطيات شخصية مفصلة مثل الحالة الاجتماعية، ومواصفات الجسم كاملة، والقدرات المالية، وغيرها من الأمور المشابهة.
و يبدي شيخه رضا كبيرا عن نتائج نشاط الموقع، مشيرا إلى أنهم نجحوا خلال فترة عملهم القصيرة في التوسط من أجل عقد نحو 200 عرس حتى الآن.
من بين الحالات التي توسط الموقع في زواجها، مطلقة من مدينة رفح جنوب قطاع غزة ظلت على مدار 3 أعوام من انفصالها من دون استقبال أي عرسان حتى نشرت طلبا في موقع “وصال” ما وفر لها سريعا فرصة زواج مناسبة.
و في حالة ثانية، عانت شابة من أن منزل عائلتها يقع في منطقة حدودية نائية أقصى شمال قطاع غزة، وهو ما حجب طرق العرسان لباب ذويها لكن تسجيلها في موقع “وصال عرف” بمواصفاتها التي يبحث عنها الكثير “ليتحقق مرادها في التخلص من شبح العنوسة”.
وعادة ما يتراوح عمر المعنيين بالزواج بتقديم طلب بذلك للموقع بين 20 حتى 60 عاما.
و عند إتمام عقد الزواج من خلاله فإن موقع “وصال” يجنى مبلغ 200 دولار أمريكي.
و يقول شيخه، إن تقديم الطلبات للراغبين في الزواج لا يقتصر على الشبان فقط، بل إن عائلات الكثير منهم هم من يبادرون للبحث عن عروس مناسبة لأبنائهم، كما أن الكثير من الأمهات يقدمن طلبات خاصة ببناتهن.
لكنه يوضح أن نشاطهم الأكبر يتعلق بـ “عوانس ومطلقات ومطلقين وأرامل” كانوا يعانون عقبة الزواج، مشيرا إلى أنه في معظم حالات الزواج “تنضم زوجة ثانية أو ثالثة لحياة زوجية وهناك القليل من حالات الزواج بين العزاب”.
و إلى جانب نشاطه في التوسط للتعارف والزواج فإن الموقع يركز على إطلاق حملات لتخفيض القيمة المالية للمهور، وتكاليف الزواج كمراعاة للظروف الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة.
كما أن شيخه يدعم بشدة الترويج لتعدد الزوجات ويراه “أمرا طبيعيا في ظل كثرة النساء الأرامل نتيجة الحروب التي شنتها إسرائيل على القطاع، وبغرض تحصين المجتمع ومنع أي ظواهر سلبية فيه، إلى جانب أن ذلك يؤمن حلا لا بد منه لأزمة المعدلات العالية للعنوسة في المجتمع “.
و يشدد مدير مركز التدريب المجتمعي وإدارة الأزمات في غزة فضل أبو هين، على ثقل ومكانة الانترنت في الحياة العصرية وكيف دخلت وسائل التواصل الاجتماعي في جميع تفاصيل الحياة المعاصرة.
و يقول أبو هين ، إن انتشار صفحات الزواج عبر (فيسبوك) والمواقع الإلكترونية جعلها تقوم بالدور القديم لـ “الخطابة” في المجتمعات العربية وهي المرأة التي تبحث عن عروس للراغبين في الزواج.
في الوقت ذاته، يحذر أبو هين من “تداعيات سلبية للزواج عبر الانترنت في حال غياب وسيط موثوق به نظرا لما قد يحمله من إشكاليات استحالة الانتقال من العالم الافتراضي إلى التعايش على أرض الواقع واختلاف السلوك بين الشريكين”.
المصدر : جريدة القدس
Discussion about this post