غزة / صباح حمادة.
الطلاق كلمة مازال النطق بها أو حتى سماعها يصعب على المجتمع . على الرغم من أن سبحانه وتعالي حلل الطلاق في كتابه العزيز , ليكون حلاً شرعياً ومجتمعياً لمشاكل الحياة الأسرية , ولانعدام التوافق بين الزوجين . إلا أن المجتمعات العربية مازالت تحاصر المطلقات بنظراتِ وانطباعات سلبية تجعل من حياة المطلقة جحيماً لا يطاق , على عكس الرجل المطلق الذي يتمتع بصورة حسنة داخل المجتمع.
خلال التقرير التالي .. نكشف الستار عن معاناة بعض المطلقات داخل مجتمعنا الفلسطيني :
حماتي السبب
تبدأ المواطنة ” وفاء محمد ” (30) عاماً وهى أم لطفلِ لا يتجاوز عمره 3 سنوات بسرد تفاصيل معاناتها الزوجية ” تدخلات حماتي في أدق التفاصيل لحياتي الزوجية , حولت حياتي لجحيم لا يطاق , فلم أشعر بالسعادة ليوم واحد طوال 7 سنوات قضيتها في كنفهم ” مشيرةً إلى أن زوجها لم تكن لديه شخصية مستقلة , وكان يتلقى كل أوامره من – أمه الظالمة – حسب وصفها.
وتتابع بدموعٍ محبوسة بعينيها ” لن أسامح حماتي طوال حياتي على ظلمها لي , وحرمانها لابني من العيش عيشة طبيعية برفقة والديه “
وحول أسباب الطلاق تقول ” حماتى أجبرت زوجى على إعطاءها 800 شيكل شهرياً ، ليس هذا فحسب بل أصرت على أخد جزء من راتبي وحين رفضت ازادت وتيرة المشاكل حتى أجبرت ابنها على طلاقى “
وتبدي وفاء غضبها من نظرة المجتمع السيئة ” لا أحب الاختلاط بأقاربي فنظراتهم الجارحة لى تقتلنى , فنحن في مجتمع ذكوري لا يعطي للمرأة حقوقها ” .
تنازلت عن حقوقي
فيما لم تختلف فصول معاناة “جواهر نعيم” (43) عاماً تقول ” لم أطلب الطلاق إلا بعدما تيقنت من استحالة استمرار الحياة مع زوجي والذي دامت لأكثر من 20 عاماً ” موضحةً أنها تحملت كافة أشكال العنف الجسدي واللفظي من قبل زوجها طوال سنيين حياتها.
وتضيف بمرارة ” تنازلت عن كل حقوقي لأحصل على حريتي , فلا معنى للحياة بجانب شخص لا يحترمك ولا يقدرك ” موضحةً إلى أنها مستاءة من نظرة المجتمع السلبية للمرأة المطلقة وتحميلها كل المسؤولية لانهيار أسرة .
فشلت مرتين
” اعض أصابعي ندماً لأننى استمعت لمشورة الأهل ورجال الإصلاح بالصبر والتحمل وعدم طلب الطلاق في كل مرة كنت اتعرض فيها للضرب المبرح والإهانات من قبل زوجي ” بهذه الكلمات عبرت أمانى محمد (45) عاماً عن انتقادها لتدخلات الآخرين السلبية. مشيرةً إلى أن هذه الأسباب أخرت طلاقها “23” عاماً قضتهم في خدمة زوجها _الناكر للجميل _ حسب وصفها .
وتتابع ” اعترف بأنني فشلت لمرتين طوال تلك السنيين , الأولي عندما سمحت للآخرين أن يقرروا عنى الاستمرار في حياتي الزوجية , والثانية بعيشي بجانب رجل لم يحترمني يوماً “.
نظرة سلبية
وعن نظرة المجتمع للمرأة المطلقة تقول الأخصائية الاجتماعية آيات أبو جياب ” مجتمعاتنا العربية بشكل عام مازالت تنظر للمرأة المطلقة نظرة سلبية بسبب العادات والتقاليد التى تظلم المرأة ” مؤكدةً ضرورة تغيير نظرة المجتمع الخاطئة للمطلقة , فهي تحتاج إلى نظرة عطف وحنان ، فهناك من تطلقت وهي المظلومة.
وتشير إلى أن تمتع بعض النساء المطلقات بامتيازات كالتعليم والعمل ساعدتهم في التغلب على مصاعب الحياة ونظرة المجتمع السلبية , وإكمال حياتهم.
أمراض نفسية
وحول الوضع النفسي تقول أبو جياب ” تجربة الطلاق مؤلمة سواء للمرأة أو الرجل , إلا أن المرأة تتأثر بشكل أكبر لشعورها بالانفصال عن الذات وأنها أصبحت غير مستقلة ” مشيرةً إلى أن الرجل يتغلب على الوضع النفسي لعدم اتهام المجتمع له , على عكس المرأة التى تعانى من مشكلة الطلاق ونظرة المجتمع واتهاماته لها .
وتضيف أ. آيات ” مشكلة الطلاق قد تؤدي إلى شعور المرأة بالنقص والحرمان العاطفي وعدم الثقة والصداع المزمن والكسل مما يوصلها إلى مرحلة الاكتئاب المرضي ” موضحةً أن الدور الأكبر يقع على عاتق المرأة وأسرتها في مجابهة المجتمع وتقديم الدعم النفسي والمعنوي لها لتخطي المرحلة .
عقبات قانونية
فيما ذكرت المحامية هديل أبو سعدة أهم المشكلات القانونية التى تواجه المرأة المطلقة ” الصعوبة في تنفيذ الأحكام الشرعية , خاصة عندما يكون الزوج غير موظف ولا يملك المال فلا تحصل المرأة على حقوقها المالية بشكل تام وعاجل ” مشيرة إلى طول فترة التقاضي في قضايا التفريق خاصة في حالة الشقاق والنزاع حيث المدة ما بين المرافعة الأولي والثانية 6 أشهر وأكثر.
وأشارت أبو سعدة إلى أن المرأة في أغلب الأوقات تضطر إلى التنازل عن حقوقها المالية مقابل حصولها على الطلاق, مؤكدة أن الوضع الاقتصادي السيئ , وارتفاع معدلات البطالة من أهم أسباب ارتفاع معدلات الطلاق في قطاع غزة العام الماضي.
** تم انتاج هذه المادة في إطار مشروع “أوقفوا العنف ضد النساء” الذي ينفذه مركز الاعلام المجتمعي (CMC) بالشراكة مع الأمم المتحدة الاستئمانية لإنهاء العنف ضد النساء (UNTF)
Discussion about this post