غزة أونلاين – غزة
تقرير : مريم الشوبكي
أن تفكر بأن تفتتح مشروعاً خاصاً يدر لك دخلاً بحد ذاته خطوة إيجابية، ولكن حين تفاجأ بعد فترة أن جارك بنفس الحي فتح مشروعاً مماثلاً لك، لا بل والأكثر من ذلك أن تصل العدوى لأربعة أو خمسة تجار آخرين، عندئذٍ يبقى السؤال المطروح: هل هذا التقليد ينذر بخسارة فادحة لصاحب المشروع الأصلي؟ ولماذا أصلاً يلجأ الآخرون لنفس التكرار؟
مضاربات في الأسعار
عبد الله برغوث صاحب سوبر ماركت في دير البلح، قال: “لاشك أن كل انسان يأخذ رزقه المقدّر له من الله، غير أن تعدد المحلات التجارية التي تبيع نفس السلعة في حيٍ واحد بات يؤثر بخلاف ما كان عليه في السابق بسبب صعوبة الوضع الاقتصادي وضعف السيولة في أيدي الناس”.
و أضاف برغوث “بسبب قلة فرص العمل بات الجميع يبحث عن مشروع يكسب منه، فمثلا في المنطقة التي أملك فيها محلي؛ بات هناك أكثر من محل بقالة بعد أن كنت تقريبا الوحيد لسنوات قبل الحصار.
و أشار إلى أن أصحاب محلات البقالة يضطرون إلى عمل مضاربات عن طريق إجراء التخفيضات في الأسعار؛ كي يجذبوا الزبائن لمحلاتهم ويبيعوا بضاعتهم، مما يؤثر سلباً بطبيعة الحال على غيره من أصحاب المحلات الأخرى سيما الذين يدفعون بدل ايجار.
و نوه برغوث إلى أن المستأجر للمحل يضطر إلى إغلاق محله بسبب مضاربات الأسعار سيما اذا كان يقوم بها أصحاب المحلات المالكة، لأنه من الصعب أن يكمل في ظل أوضاع اقتصادية سيئة للغاية، وتجارته لا يمكنها أن تغطي مصاريفه اليومية وتأتي عليه بخسارة.
و في أحد الأحياء المكتظة بالسكان كان هناك خياطان تسير أعمالهما على خير ما يرام؛ ثم ما لبث أن افتتح بجوارهما ثلاثة محلات خياطة أخرى؛ يقول أبو خليل: “الحمد لله احتفظتُ بزبائني إلى حد ما فبعضهم أراد أن يجرب الخياطين الآخرين؛ لكنهم وجدوا بأن المعاملة التي كانوا يتلقونها مني أفضل فعادوا إلي؛ وفي النهاية الرزق على الله”.
و يبتسم أبو خليل و هو يستذكر أحد أصدقائه الذي كان يوماً ما له محل للأدوات المنزلية؛ ثم فوجئ بعد فترة بجار آخر له يفتتح نفس نوع “المصلحة” ثم أصبحوا ثالثا ورابعا؛ حينها لم يحتمل وقرر إغلاق محله وانتقل إلى منطقة أخرى تماماً؛ وسارت أموره أفضل مما كان يتوقع في مسألة البيع؛ في النهاية هي أرزاق؛ ولكني أرى أنه ليس بالسلوك الجيد أن يقلد التجار بعضهم بهذا الشكل الممجوج”.
منافسة إيجابية
أما باسم العويطي صاحب “مستر بيبي” في مدينة خانيونس فكان له رأي آخر فعبر قائلا : ” تعدد المشاريع ذات الصنف أو التخصص الواحد لا يكون فيها خسارة للآخرين، بل إن وجود أكثر من محل في منطقة جغرافية معينة, هذا مدعاة لجذب مزيد من الزبائن وترغيبهم في الشراء لأنه يكون أمامهم أكثر من خيار”.
وأضاف العويطي :” كما أنه مدعاة للمنافسة الايجابية، ووجود أكثر من محلٍ في مكانٍ بعيد يجعل الزبون يرغب في الذهاب كي يستطلع السلع ويرى خياراتٍ أكثر وهذا يضبطها ضابط عقيدة أن الرزق على الله، المهم أن تبدع وتتميز”.
و تابع:” التعدد يؤثر على الضعيف تجاريا مثلا من يبيع “ملابس أطفال” وليس على قدر المنافسة؛ سيبيع برأس المال أو سيجني الخسارة”.
و نوه العويطي إلى أن من يبيع نفس الصنف بهدف الإضرار بالآخرين فهذا هو السلوك السلبي ويؤدي لانسحاب البعض من المنطقة لأن المنافسة هنا تخرج عن شرفها.
فيما يرى محمد صبح صاحب محل خياطة في غزة أن محلات الخياطة سيما النسائية انتشرت بشكل لافت في معظم مناطق مدينة غزة، لأن أغلبهم خسر عمله كخياط في الداخل المحتل قبل انتفاضة الأقصى.
وبين صبح أن تعدد هذه المحلات وكثرتها أثر بشكل كبير على العائد المادي لأصحابها، سيما مع تراجع القوة الشرائية للزبائن، ولكن يبقى السعي نحو مصدر دخل أفضل من لا شيء؛ حسب وجهة نظره.
دراسة المنطقة
و في ذات السياق بين المحلل الاقتصادي د. معين رجب أن تعدد المحلات التجارية ذات الصنف الواحد يتوقف على الكثافة السكانية في المنطقة، وهذا متعارفٌ عليه في أسواق الخضروات والفواكه والملابس والذهب؛ فيكون ذلك بدافع المنافسة.
و أوضح رجب أن تعدد المحلات التجارية يعطي فرصة للزبون للتعرف على الأسعار فيكون بمقدوره المقارنة وبالتالي اختيار ما يشاء، لأن غالبية الزبائن اعتادوا ان يذهبوا لمناطق محددة.
و أشار إلى أن هذه المشاريع تنجح لوجود المنافسة و التي تعطي الفرصة للمشترى أن يختار ما يشاء من السلع من حيث الجودة والسعر.
و قال رجب:” إن عملية البيع والشراء هي أرزاق من الله، ولكنها تتطلب إجتهادا من أصحاب المحلات مع ضرورة وجود دراسة وفهم كامل للمنطقة التي يرغبون اقامة المحل فيها، وعليه يجب أن يدقق صاحب رأس المال و يتريث و يدرس الأمور جيدا حتى لا يخاطر بأمواله”.
المصدر : فلسطين أون لاين
Discussion about this post