غزة اونلاين- اسلام الخالدي
أصبح هناك جنون وإدمان كبير على استخدام لعبة “سباينر” أو لعبة إزالة التوتر كما قيل عنها في الفترات الأخيرة، من قبل الناس في مختلف أنحاء العالم وغزة خصوصاً، في ظل الأوضاع النفسية الصعبة، والتي يعاني منها الجميع، فإقبال الكبار قبل الصغار على شرائها زاد التساؤلات حول الأسباب التي جذبتهم لهذه اللعبة، وما هي فوائدها وسلبياتها؟
ولقد اكتست لعبة “سباينر” شعبية كبيرة بين البالغين وسجلت مبيعات عالمية عالية جداً على موقع آمازون، وصلت إلى 6.4 مليار دولار، لأن الإعلان الخاص باللعبة ذكر بأنها تساعد في الحد من التوتر وزيادة تركيز المستخدمين، في حين أن هناك مطالبات من قبل الناس على مواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) و(توتير) بوقف استخدامها، لأنها تؤدي إلى اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، فيما اشتكى آخرون من أضرارها الجسيمة على صحة الإنسان حيث تصل لحد بتر الأصابع، كونهم يستخدمونها لفترات طويلة ويترتب عليها تورم باليد.
وتأتي اللعبة على شكل جهاز بلاستيكي ذي 3 محاور بمختلف الألوان والخامات المصنوع منها كالنحاس والألومنيوم أو يتم استخدام البلاستيك في صناعة محاوره، تبدأ بالدوران عند الضغط على زر يتوسطها، فهي أداة صغيرة تصبح على شكل مروحة كلعبة دوارة، ولها غلاف معدني لحمايتها.
فوائد عديدة.. ومخاطر كبيرة
تشيد أم محمد بعلوشة (55عاماً) بفوائد لعبة سباينر، والتي حققت نتائج جيدة وساعدت على تخلص ابنها محمد من الملل أثناء مكوثه منعزلاً على سريره، فهو من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة ويعاني من مرض التوحد، فهي ساعدته على المعالجة الحسية، فبدأ يحرك جسده وساعدته على الانتباه والتركيز، فأصبح متفاعلاً وأفضل مما كان عليه سابقاً.
وتقول: “كثيراً ما كنت أعاني من عدم تفاعل ابني محمد في الحديث معنا، فهو يفضل الجلوس لوحده ولا ينسجم مع اخوته ابداً، لكن بعدما شاهدت على مواقع الإنترنت بأن هذه اللعبة صممت خصيصاً لمرضى التوحد، والذين يعانون فرط الحركة وقلة التركيز والانتباه، أسرعت على الفور بشرائها، ومن حينها استمتع محمد بها وبدأً يحب التفاعل شيئاً فشيئاً، وساعدته على التركيز بكل ما هو أمامه أكثر”.
في حين اشتكى المواطن عبد الرحمن قلجة (17 عاماً) من خطورة تلك اللعبة، والتي كانت ستودي لبتر أصابع يد أخيه الأصغر، والذي أدمن كثيراً عليها فكان كل اهتمامه باللعب بها لساعات طويلة، وفي ذات ليلة نام واللعبة بيده فتورم أصبعه، ومن شدة الألم لم يستطيع أي أحد من أفراد الأسرة فك الحلقة الدائرية بكل الأدوات التي استخدموها لقص القطعة المعدنية العالقة بأصبع الإبهام، فأسرعوا به إلى صائغ الذهب الذي يجاورهم بالسكن فاستخدم أداة حادة لقص الحلقة، والتي كانت ستودي به لأسوأ ما يمكن، هذا ما أشار إليه.
حققت مبيعات عالية جداً
وعلى مفترق السرايا بمدينة غزة، التقينا ببائع لعبة سباينر، نعيم الحتو (18عاماً)، وفي الحديث معه حول مدى إقبال الناس على شراء تلك اللعبة فيقول: “حققت لعبة سباينر في الآونة الأخيرة نسبة مشتريات عالية جداً، في حين ثمن تكلفتها لا يتجاوز العشرة شواقل، فاعتماد الشباب عليها والصغار أيضاً كبير جداً، فيعتبرونها أداة لمضيعة الوقت وإزالة التوتر، بالإضافة إلى أنها مسلية جداً”.
وعن بيعه لتلك اللعبة يضيف: “إن الإمكانيات لشراء ما يريده المواطن باتت قليلة جداً، فانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة جعل المواطنين يقدمون على شراء أدوات تساهم في الترفيه عن ذاتهم، في حين يقدم بعض الأهالي على استخدامها لأبنائهم الرضع والأطفال الذي لا يتجاوزون العامين كنوع من لفت الانتباه وبدلاً من تقليم أظافرهم بأسنانهم، والتي تنم عن حالة الملل وعن نفسيتهم الصعبة في ذلك الوقت”.
دور الرعاية الأسرية
وفي الحديث مع المختص النفسي والخبير الاجتماعي الدكتور درداح الشاعر، حول مدى المخاطر التي تشكلها لعبة
سباينر مستقبلاً، وما هي فوائدها؟ يقول “: “اللعب يشكل حيزاً كبيراً جداً من حياة الطفل ومسلكياته، وهذه دلالة على النمو الحركي أو مؤشر على ذكاء الطفل بصورة أخرى، ومن هنا نحاول شغل وقته بكثير من الألعاب كونها تنمي القدرة على الانتباه والتركيز، كلعبة سباينر التي انتشرت مؤخراً، في حين الدراسات أكدت بأنها صممت لمرضى التوحد”.
ويضيف د. الشاعر، بأن هذه الألعاب تساعد على بناء جانب وتهدم جانب آخر لدى الإنسان، بتنمية وتطوير الجوانب الحسية والحركية لديه، لكن بقاء الشخص منفرداً مع لعبته يخلق حالة من العزلة الاجتماعية والانكفاء على الذات وضعف التعامل مع الأسرة.
وبالتالي إن لم تكن رقابة وجيهة على الأبناء من قبل الأهل، فيسدفعون ثمن ذلك بسبب عدم الانضباط السلوكي والحياتي، في حين ساعدت تلك اللعبة على إهدار الوقت دون الانتباه من قبل مستخدميها، فدور الأهل بمتابعة الأبناء مهم جداً، هذا ما أوضحه.
ويؤكد د. الشاعر، على أن الإنسان هو قادر على تحديد مسلكياته بالتعامل مع أدواته وما يتاح له، فالإفراط بتناول شيء والانكباب عليه يحدث آثاراً عكسية بالمستقبل، لكن التوازن يخلق نوعاً من الانسجام ومن الممكن أن تساهم حينها في إزالة القلق والتوتر الناجم عن ضغوطات الحياة والدراسة.
المصدر:دنيا الوطن
Discussion about this post